بواسطه / محمد أبوالخير
«نافع»: «يجب أن يكون هناك استثناء للشركات التي تُثبت شرعية عملها»
أرسلت بعض البنوك لعملائها قرارًا بشأن وقف التعامل بكروت الخصم المباشر بالعملة الصعبة، ما أثار تخوفات وتساؤلات أصحاب الشركات الرسمية التي تعمل تحت عين الدولة وأجهزتها، إذ اعتبر البعض أن القرار جاء على خلفية محاولة البعض تهريب عملات أجنبية خارج البلاد بطرق ملتوية، لكنه في الوقت ذاته يزيد من المخاوف لدى أصحاب الشركات الناشئة التي تعمل في النور أيضًا.
خلال السطور التالية، نناقش القرار من وجهات نظر مختلفة ومتنوعة، ومدى تأثير القرار على مسيرة الشركات الناشئة في مصر.
مسكنات لا حلول..
فوجئ وائل نوفل، المدير التنفيذي لشركة بلنك آب، برسالة نصية على هاتفه يخبره البنك الذي اعتاد التعامل معه على وقف التعامل ببطاقات الخصم داخل مصر فقط، وعدم المساح له أو لغيره بالتعامل بالعملة الأجنبية خارج مصر.
يملك «نوفل» شركة تعمل في مجال تطبيقات الهاتف، لذا يعتمد في تعامله على شركات غير مصرية تملك تكنولوجيا متطورة تساعده في تقديم خدماته للجمهور بشكل أكثر احترافية، وجاء القرار ليزيد من الأزمة التي يعيشها «نوفل» وغيره من العاملين في مجال الشركات الناشئة بمختلف تخصصاتها.
يقول «نوفل» في حديثه «متفهم حجم التحديات التي تواجه الدولة والقرارات التي تؤخذ من أجل وقف تسرب العملة الصعبة خارج البلاد، لكني في الوقت نفسه فانا أحد المتضررين وبدأت منذ أمس أن أبحث عن حلول حتى استطيع استكمال مشروعي»، موضحا أنه قرر أن يطلب من أحد المستثمرين في الخارج استخدام البطاقة الخاصة به في العمليات التجارية لحين النظر في خطة تدشين شركة خارج مصر لحل الأزمة الحالية».
يتعامل «نوفل» مع شركات عالمية عملاقة مثل (Microsoft، Amazon، Google)، ويعزي ذلك لأن تلك الشركات لديها تقنيات ليس لها بديل محلي وخصوصًا الحوسبة السحابية والخدمات المتكاملة، يقول نوفل: «أحيانًا نحتاج دفع فاتورة لمايكروسوفت، وهم يشترطون أن يكون الدفع بشكل كامل على دفعة واحدة دون تجزئة، لذا كان الحل دائما في الاعتماد على بطاقات الخصم المباشر، لكن بعد ذلك القرار لم يعد ذلك متاحا ومثلما سبق أن قلت فأنا مضطر للاعتماد على مستثمر يعمل في الخارج لدفع التكاليف والفواتير لحين البدء في تدشين الشركة في دولة خارج مصر».
ما هي أسباب القرار؟
يعزي دكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، قرار البنك المركزي المصري، إلى وجود قصور في العملة الصعبة بالبنك المركزي، لذا كان القرار بالحفاظ على العملة الصعبة لاستغلالها في عمليات الاستيراد الضرورية، وبلا شك جاءت هذه الخطوة لتقليل الخسائر خاصة مع وجود حالات لاستغلال العملة الصعبة بكميات كبيرة، من خلال بطاقات الخصم المباشر، حيث يتم استغلالها لتحويل العملة الصعبة خارج مصر.
وطالب «نافع» في حديثه لـ«المصري اليوم»: بضرورة أن يكون هناك استثناء للشركات التي تثبت شرعية عملها، دون اللجوء لأي تحركات من تحت الطاولة وبالطبع تملك حسابات دولارية.
أما عن الحلول المطروحة على الطاولة في اللحظة الآنية، يقول الخبير الاقتصادي: «الحلول المطروحة هي حلول غير نقدية تتمثل في رفع سعر الفايدة أو إتاحة أدوات للادخار بالعملة الصعبة ويجب أن تكون مغرية إلى حد كبير لضمان إقبال المواطنين عليها«.
يبلغ عدد البنوك العاملة في مصر 38 بنكًا، منها 9 بنوك حكومية، ويعد البنك الأهلي المصري وبنك مصر وبنك القاهرة، من أكبرها.
الشركات الناشئة والتقنية أول الخاسرين..
يوضح هشام عبدالغفار، رئيس قسم المعلوماتية والإدارة الطبية بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، تداعيات القرار ومدى تأثيره على الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة التي تعتمد على التقنيات بشكل كبير، قائلا: «تتعامل تلك الشركات مع شركات أخرى عملاقة مثل مايكروسوفت وجوجل وغيرها من الشركات العالمية التي تقدم خدماتها بمقابل مادي وعادة يكون المقابل بالدولار الأمريكي أو اليورو أو غيره من العملات الأجنبية.
وقال «عبدالغفار» في تصريح لـ«المصري اليوم»: «أن تلك الشركات بكل تأكيد سوف تواجه أزمة كبرى إذ بفعل القرار ستتوقف عن دفع مقابل للخدمات التي تحصل عليها من الشركات الدولية، لذا سيكون من تبعات القرار توقف تلك الشركات عن تقديم خدماتها داخل مصر، موضحا أنه أمر يختلف تماما عن القرار السابق الخاص بوقف التعاملات بالعملة الصعبة على كروت الخصم المباشر بالنسبة للأفراد إذ يمكن القول أن استخدامها للتسوق أو شراء بعض المستلزمات غير الضروري من وجهد نظر البعض، أما الشركات فهي تعد مصدر دخل للعملة الصعبة».
ويتابع: «الحلول المطروحة تزيد من أزمة العملة الصعبة في مصر، إذ سيتطلب الأمر فتح تلك الشركات حسابات دولارية خارج مصر يتم من خلالها التعامل مع الشركات الكبرى التي تطلب عملة صعبة مقابل خدماتها المقدمة، وهو ما يعد أزمة كبيرة، لانه بفعل القرار سيكون بعض أصحاب الشركات مضطرا للعمل من الخارج، وكذلك بالتبعية سوف يحرم الدولة من المكاسب التي تحققها تلك الشركات، في نظري هي خسارة مضاعفة»