شهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، اصطفاف تفتيش حرب الفرقة الرابعة المدرعة في نطاق الجيش الثالث الميداني بالسويس، بحضور الفريق أول محمد زكي «القائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع والإنتاج الحربي» والفريق أسامة عسكر «رئيس أركان حرب القوات المسلحة» وعدد من كبار قادة القوات المسلحة، والمسئولين والشخصيات العامة.
تفتيش حرب الفرقة الرابعة المدرعة
وخلال اصطفاف تفتيش حرب الفرقة الرابعة المدرعة قال الرئيس عبد الفتاح السيسى: «أوجه للقوات المسلحة كل التحية وكل التقدير وكل الاعتزاز بالأدوار التي تقوم بها، حربا وسلما، خاصة ونحن نحتفل بمرور 50 عاما على نصر أكتوبر المجيد عام 1973، عبر وجودنا في أحد الأنشطة التدريبية -اصطفاف الفرقة الرابعة المدرعة- كان فيه أنشطة كثيرة جدا في إطار الاحتفال بحرب أكتوبر المجيدة، لكن مراعاة الظروف الحالية -في قطاع غزة- حدت من الاحتفال الكبير بالذكرى».
وتابع الرئيس السيسي: «الظروف الإقليمية والتحديات تظهر أهمية امتلاك القوة، لن الأهم، الاستخدام الرشيد والحكيم للقوة.. هذا ردا على البعض ممن يسألون أنفسهم: إذاا كانت لدينا القوة لماذا لا نستخدمها.. لهؤلاء أقول: قوتنا، للدفاع عن مصر، والتعامل مع التحديات الإقليمية وفق الحاجة، دون غضب أو حماسة، أو تجاوز.. الجيش المصري بقوته ومكانته وقدرته وكفاءته هدفه حماية مصر وأمنها القومي دون تجاوز.. إياكم من أوهام القوة، والاندفاع غير المدروس».
ونبه الرئيس السيسى إلى أن «مصر، تتعامل مع كل الأزمات بالعقل والصبر.. طوال تاريخها لا تتجاوز -في الغالب- حدودها، وأن أهدافها تتمثل في الحفاظ على أرضها وترابها دون أن يمس.. نصر أكتوبر له معنى كبير لأنه عبور من حالة اليأس إلى الأمل، ومن حالة الإحباط إلى الفخر.. الذكرى، تنبهنا إلى الجهد والتضحيات، التي قدمتها مصر والقوات المسلحة، ومن ثم نستخلص الدروس والعبر، ليس فقط في حماية الحدود المصرية وتأمين مصالح مصر والأمن القومي، بل وما هو ابعد من ذلك».
وشدد الرئيس السيسي على «أهمية التسلح بالعلم والمعرفة، حتى نكون قادرين دائما على استيعاب التقدم الحاصل في كل المجالات، مع التفوق والتطور في المعدات والأسلحة الحديثة والنظريات المختلفة.. سعيد بوجودكم، فهو أمر يدعو للفخر.. هذا مجرد تشكيل من تشكيلات عدة في الجيش الثالث الميداني -ثاني أكبر تشكيل قتالي تعبوي في الشرق الأوسط، بعد الجيش الثاني الميداني- وكذلك المناطق الأخرى،
ونبه الرئيس السيسى إلى «ضرورة التسلح بالإيمان، الخلق والنزاهة والشرف وعدم الخيانة وعدم التأمر.. إنه السبيل الحقيقي لامتلاك قدرة لا تقهر، مدعومة بأسباب الدنيا وأسباب السماء.. نضمن دعم ربنا إذا تعاملنا مع الأمور بشرف، بدون غدر أو خيانة.. حافظوا على الكفاءة والقدرة ودائما كونوا جاهزين وحريصين.. ربنا يحفظكم.. .دائما مصر بفضل الله سبحانه وتعالى في أمن وأمان وسلام.. ودائما في العلا».
وأضاف الرئيس السيسي «تعليقا لى أزمة قطاع غزة»: «الدولة المصرية تقوم بدور إيجابي كبير في احتواء التصعيد في قطاع غزة، وتهدئة الأمور والوصول إلى إيقاف هذا الصراع ووقف إطلاق النار بشكل أو أخر.. نسعى بالتعاون مع الأشقاء والأصدقاء والشركاء لمساندة المدنيين في قطاع غزة بالمساعدات، وتخفيف الأعباء عن أهالينا في القطاع».
الجاهزية دائمة
وخلال تفتيش حرب الفرقة الرابعة المدرعة «إحدى وحدات النخبة في القوات المسلحة المصرية، واحتياط استراتيجي للقيادة العامة للقوات المسلحة» قال قائد الجيش الثالث المصري، اللواء أركان حرب، شريف العرايشي: «اليوم نحن في أعلى درجات الكفاءة القتالية، وجاهزون لطي الأرض في نطاق مسؤولياتنا أو في أي مكان آخر يتم تكليفنا بالانطلاق إليه».
وشدد قائد الجيش الثالث، على أن «دروس التاريخ تقول إن القوي لا يستطيع أحدٌ أن يهدد مصالحه، أو يعتدي على مقدراته، موضحا أن قدر مصر أنها تعيش في منطقة شديدة الاضطراب».
ونبه إلى أن «الفرقة أحد صروح القوات المسلحة التي دون رجال أعظم البطولات في حرب أكتوبر، وأن رجال الفرقة الرابعة المدرعة يحملون على أعناقهم مع أقرانهم من رجال الجيش، مسئولية الدفاع عن أمن الوطن والمحافظة على مقدراته».
وقال قائد الجيش الثالث الميداني: «نضع نصب أعيننا المصلحة العليا بالبلاد، محافظين على أمنها وأمانها واهبين أنفسنا وأرواحنا فداء لترابها الغالي، لا ندخر جهدا في التدريب ولا نضيع وقت في ما لا استفادة منه».
وتعمل الفرقة الرابعة المدرعة في نطاق عمليات الجيش الثالث الميداني «شعاره: الإيمان، الصمود، التحدي» إلى جانب فرق أخرى «19 مشاة ميكانيكي، 23 مشاة ميكانيكي.. .الخ» مدعومة بلواءات مدرعة، ومشاة ميكانيكي، ومدفعية، وكتائب مقذوفات، ودفاع جوي، واستطلاع وإشارة ومهندسين، وحرب الكيميائية، ونقل، وخدمات طبية، وشرطة عسكرية.
تاريخ عريق
وتأسست الفرقة الرابعة المدرعة (شعارها: الإيمان، القوة، النصر) في نطاق الجيش الثالث الميداني بالسويس عام 1956، وشاركت في العديد من الحروب مثل 1956 و1967 و1973 (تأمين عبور القوات المسلحة في حرب السادس من أكتوبر، والتصدي للقوات الإسرائيلية في ثغرة الدفرسوار، في نطاق عمليات القتال بالسويس والإسماعيلية.
وخلال حرب أكتوبر تم تكليف اللواء الثالث المدرع (أحد ألوية الفرقة) بالعبور شرقاً والهجوم نحو منطقة الممرات ضمن عمليات تطوير الهجوم نحو الشرق يوم 14 أكتوبر 1973 في نطاق الجيش الثالث الميداني.
وبدأت عمليات اللواء بتمهيد نيراني بالمدفعية لمدة 15 دقيقة حول مواقع القوات الإسرائيلية، ثم كانت المفاجأة التي أعدها اللواء التابع للفرقة الرابعة المدرعة «تعترف بها إسرائيل» في تغيير محور الهجوم، فبينما كان الإسرائيليون يتوقعون الهجوم من الطريق العرضي المحور الرئيسي للتقدم إلا أن القوات قامت بمناورة، وهاجمت القوات المعادية من اليمين، وشكلت تلك الخطوة مفاجأة للعدو الإسرائيلي.
وحينها، وصلت قوات الفرقة إلى أبعد نقطة في عمق سيناء خلال حرب أكتوبر «أكثر من 25 كيلومتراً شرق قناة السويس» في محيط ممر، متلا، إلى جانب الشهرة التي حصلت عليها الفرقة الرابعة المدرعة خلال ثغرة الدفرسوار، حينما قام قائد الفرقة، حينها، العميد الراحل، محمد عبد العزيز قابيل، بقتال القوات الإسرائيلية غرب القناة وحصرها داخل الثغرة لعدم توسعها غربا.
وقد ثمن الرئيس الراحل محمد أنور السادات فيما بعد «في مذكراته» ما قامت به الفرقة الرابعة المدرعة وقيادتها عندما حصر قوات العدو بن السويس والإسماعيلية في مساحة تحتاج لثلاث فرق لشغلها «تصدى لـ3 فرق إسرائيلية بقيادة: ارييل شارون، كلمان ماجن، إبراهام ادان» وهو إنجاز عسكري ميداني، لايزال من ضمن عوامل الإبهار التي شهدتها حرب أكتوبر عام 1973.
شهادة رئاسية
وقال الرئيس السادات عن قدرات الفرقة الرابعة «كتابه: البحث عن الذات»: «اتصلت بنفسي بالفرقة الرابعة ومع نجاح الفرقة في الأعمال القتالية.. لن أنسى موقف الضابط، قابيل، الذي ناور بفرقة واحدة في المسافة الواقعة بين السويس والإسماعيلية، والتي تحتاج إلى 3 فرق على الأقل» وكانت هناك خطة تم وضعها لتصفية الثغرة في نطاق الجيش الثالث الميداني، بحسب مذكرات الفريق عبد المنعم واصل «قائد الجيش الثالث الميداني خلال حرب أكتوبر».
كانت تتضمن الخطة تشكيل قوة تأمين وحصار وقوة الهجوم المؤلفة من الفرقة الرابعة المدرعة والفرقة 21 مدرعة من الجيش الثاني والفرقة الثالثة مشاة ميكانيكي، وكان مقدرا لها النجاح الكامل، لكن وزير الخارجية الأمريكي، آنذاك، هنري كيسنجر، ادرك صعوبة الموقف الإسرائيلي فتدخل علي الفور، وطلب لقاء الرئيس السادات في أسوان، وعرض موافقة الإسرائيليين علي وقف إطلاق النار والانسحاب من الثغرة.
بعد حرب أكتوبر تم إعادة تسليح الفرقة الرابعة ورفع مستوى تدريبها وكفاءتها القتالية للمستويات العالمية، وذلك بما يليق بتاريخها وخبراتها ومكانتها في القوات المسلحة المصرية. وفي حرب تحرير الكويت عام 1991، كانت الفرقة الرابعة رأس الحربة في عملية تحرير مدينة الكويت، ونجحت في الوصول لتحقيق المهام قبل موعدها بحوالي 10 ساعات، مما جعل القيادة المشتركة تعطيها مهام التقدم شمالا لتأمين الحدود الدولية الكويتية.
ولا تتوقف القيادة العامة للقوات المسلحة عن تطوير الفرقة الرابعة «كغيرها من التشكيلات» حيث تم تطوير معسكر اللواء محمد عبد العزيز قابيل، وتم تزويده بأحدث نظم التسليح ليكون قادرًا على حماية مصر وشعبها العظيم، ولم يقتصر التطوير على الكفاءة القتالية بل يمتد ليشمل رفع الكفاءة الإدارية، وأصدرت القيادة العامة أوامرها بإنشاء مدينة سكنية جديدة، وتكونت المدينة من العديد من الإنشاءات والمرافق المصممة الهندسية لأعلى مستوى من الإنشاء المعماري المجهزة إدارية بأرقى المستويات.
رحيل البطل
وتوفى أشهر قيادات الفرقة، اللواء محمد عبد العزيز قابيل «أحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة» في الثاني عشر من الشهر الجاري، وهو من الحاصلين على نجمة الشرف العسكرية «من أعلى الأوسمة العسكرية المصرية».
وبعد الحرب، تم تعيين اللواء محمد عبد العزيز قابيل، قائدا للمنطقة الغربية العسكرية، ثم ملحقا عسكريا في الولايات المتحدة الأمريكية «شغل منصب عميد الملحقين العسكريين في العالم» ثم أنهي حياته العسكرية عام 1984. وكان اللواء عبد العزيز قابيل لاعب كرة قدم في نادي الزمالك في الخمسينيات، وشغل مناصب مدير عام نادي الزمالك، ووكيلا للنادي في الثمانينيات، كما عُيِّن عضوا بمجلس إدارة الاتحاد المصري لكرة القدم ثم نائبا لرئيس اتحاد الكرة عام 2000.